أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطعنت آلاف من المرّات
حتى صار يوجعني ، بأن لا أطعنا
ولعنت في كلّ الّلغات ..
وصار يقلقني بأن لا ألعنا ..
ولقد شنقت على جدار قصائدي
ووصيّتي كانت ..
بأن لا أدفنا .
وتشابهت كلّ البلاد ..
فلا أرى نفسي هناك
ولا أرى نفسي هنا ..
وتشابهت كلّ النساء
فجسم مريم في الظلام .. كما منى ..
ما كان شعري لعبة عبثيّة
أو نزهة قمريّة
إني أقول الشّعر _ سيّدتي _
لأعرف من أنا ..
* * *
يا سادتي :
إني أسافر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضّنى ؟
إنّي أفكّر باختراع الماء ..
إن الشعر يجعل كلّ حلم ممكنا
وأنا أفكّر باختراع النهد ..
حتى تطلع الصحراء ، بعدي سوسنا
وأنا أفكّر باختراع الناي
حتى يأكل الفقراء ، بعدي الميجنا
إن صادروا وطن الطّفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا ..
* * *
يا سادتي :
إنّ السماء رحيبة جدا ..
ولكنّ الصّيارفة الذين تقاسموا ميراثنا ..
وتقاسموا أوطاننا ..
وتقاسموا أجسادنا ..
لم يتركوا شبرا لنا ..
يا سادتي :
قاتلت عصرا لا مثيل لقبحه
وفتحت جرح قبيلتي المتعفّنا ..
أنا لست مكترثا
بكلّ الباعة المتجوّلين ..
وكلّ كتّاب البلاط ..
وكلّ من جعلوا الكتابة حرفة
مثل الزنى ..
* * *
يا سادتي :
عفوا إذا أقلقتكم
أنا لست مضطرا لأعلن توبتي
هذا أنا ..
هذا أنا ..
هذا أنا ..
نزار قباني