رشلونة هذا الفريق الذي أمتع العالم بأسره
في السنوات الثلاثة الماضية وصال وجال كما لم يفعل غيره، حيث كان العملاق
الكاتالوني يسحق المنافسين بالثلاثة والأربعة ويتنقل من إنجاز إلى آخر ومن
قمة إلى قمة أكبر، هذا الفريق الذي وصفه الكثير من المحللين بالأفضل
تاريخياً والذي يمتلك جوهرة الأرجنتين الثمينة الليو ميسي بالإضافة إلى
الثنائي الأسباني التاريخي تشافي وإنيستا والعديد العديد من أصحاب المواهب
الكبيرة.
هذا الفريق بالذات يجد نفسه اليوم في دوامة من النتائج
السلبية جرَدته إلى الآن من لقبه الأوروبي وبدرجة كبيرة جداً من لقب الليجا
الأسبانية، وهو في خطر حقيقي أن ينهي موسمه الحالي من دون أي لقب للمرة
الأولى منذ سنوات بحال خسر نهائي كأس الملك الأسباني(إذ إن كؤوس السوبر
والعالم تحسب تقنياً من الموسم المنصرم إذ إنها إمتداد له)،
فما هي أبرز الأسباب التي أدت إلى هذه الإنحناءة الحالية لعملاق كاتالونيا :الاصابات في المراكز الحساسة: الاصابات ضربت الفريق بالمراكز الحساسة جداً والتي لا يمتلك البلوجرانا
عمقاً كافياً بها، فمن بداية الموسم كان واضحاً أن الكاتالونيون يمتلكون
زائداً بشرياً كبير جداً في وسط الملعب و إلى حدٍ ما قلب الدفاع مع تأقلم
ماسكيرانو الكبير على تأدية الأدوار الدفاعية، لكن كان جلياً أن عمق الفريق
محدود جداً عندما يتعلق الأمر بعدد المهاجمين المميزين حيث يمتلك الفريق
الثلاثي الرهيب سانشيز-ميسي وفيا، لكن بالإضافة لهم فبيدرو الوحيد القادر
على تقديم الإضافة والخبرة الحقيقية بينما كوينكا وتيلو ما زالو في طور
النمو وليسو قادرين على تعويض الأساسيين بشكلٍ مثالي، ونقطة الضعف الأخرى
كانت بعدم إحتواء الفريق على الأطراف الدفاعية الاحتياطية القادرة على
مجاراة النسق المعروف به برشلونة.
فبالهجوم الاصابات لم ترحم إثنين من
الثلاثي الأساسي
فغاب فيا منذ كأس العالم للأندية وسانشيز كان يصاب بشكلٍ متكرر،
وعلى الجهة الأخرى من الملعب في الخطوط الخلفية للفريق فإبتعاد أبيدال عن
الملاعب أرخى بثقله على نسق الفريق وتوازنه على الجهة اليسرى، كما أنه مع
حلول بويول على الجهة اليسرى فقد الفريق عنصراً مهماً جداً من تركيبة وسط
دفاعه مما جعل من عملية ضربه بالمرتدات ومباغتته بالأهداف السريعة عملية
سهلة نسبياً.
تراجع مستوى بعض اللاعبين وغياب الهداف المساند: بالإضافة إلى الاصابات التي لم ترحم الفريق، فالعملاق الكاتالوني عانى من
تراجع مستوى البعض من لاعبيه المؤثرين وعلى رأسهم قلب دفاعه الذي كان يعتبر
من الأفضل بالعالم جيرارد بيكي، و
صحيح أن ماسكيرانو كان جيداً في تعويضه إلا أن لا شيء يضاهي قيمة بيكيه وهو في كامل تركيزه،
فمع غياب بيكيه ذو القامة الطويلة أصبحت الكرات الثابتة مصدر قلق دائم
للكتلان كما أن مجهود بيكيه بالربط بين الدفاع وخط الوسط وحتى التقدم
للأمام غاب مع غياب بيكيه، وهي الميزة المطلوبة بقوة في الطريقة التي يلعب
بها برشلونة، لتأتي إصابة ابيدال وإنتقال بويول إلى اليسار للحلول محله
الشيء الذي وضع ضغط إضافي على بيكيه المهزوز أصلاً، كما أن بوادر بعض
التراجع البدني قد بدأ يظهر على بويول بالذات بفعل تقدمه بالعمر.
أما
في الأمام فمن المعروف أن الفرق الكبرى لا يمكنها الاعتماد على لاعب واحد
لإنهاء الهجمات إذ إنها بذلك ستكون معرَضة للتراجع مع أي إهتزاز أو عدم
توفيق لهذا اللاعب، لكن في برشلونة كان الاعتماد الأساسي وبمراحل كثيرة من
الموسم على ميسي ليضع الكرة في الشباك، مما أدى لخسارة الفريق نقاطاً عديدة
عندما لم يكن ميسي بيومه، وتعمقت هذه المشاكل بشكل كبير مع إصابات سانشيز
المتكررة وإبتعاد فيا طويل الأمد عن الملاعب وكل هذا في ظل تراجع مستوى
بيدرو، فهل من المعقول أن في عملاق كبرشلونة الحالي لم يتخطى أي لاعب بخلاف
ميسي طبعاً عتبة ال-15 هدفاً، بينما في مدريد مثلاً هناك ثلاث لاعبين ممن
سجلوا أكثر من 25 هدف.
وبسبب غياب الهدَاف المساند لميسي في
الكثير من مراحل الموسم، كان البلوجرانا يفشلون في العديد من المناسبات
بترجمة استحواذ خط وسطهم الرهيب على الكرة إلى أهداف، ومن هنا بحث إدارة
الفريق عن مهاجم هدَاف قادر على إعادة تكوين ثنائية مشابهة لثنائية
إيتو-ميسي في الكامب نو.
برشلونة دفع من ضريبة النجاح: عندما تكون فريق حقق كل الألقاب ووصف بأجمل وأفضل الأوصاف، فعندها من
سيواجهك لن يقدم فقط 110% من طاقته أمامك بل سيضاعف مجهوداته بشكلٍ كامل
لمحاولة تسجيل إسمه في كتب التاريخ كالفريق الذي عرقل هذا البرشلونة
التاريخي.
وهذا الأمر يمكننا تشبيهه بما يحصل في ألمانيا عندما
تواجه الفرق بايرن ميونيخ حيث نرى اللاعبين تستبسل لتقديم الأداء المشرف،
مما يؤدي إلى تصعيب مهمة البايرن وبرشلونة في الكثير من المناسبات وأمام
مختلف الفرق، وهنا لا أقول أن الأندية الكبرى الأخرى في الليجا لا تجتذب
مثل هذا العامل، لكن جلَ ما أقوله أن إستبسال الفرق بوجه البطل وفريق قيل
فيه الكثير كبرشلونة الحالي لا يضاهيه استبسال الفرق أمام باقي العمالقة في
زمننا الحالي.
تطور الريال: بالإضافة غلى العوامل
الذاتية التي ذكرت، فكان هناك عامل خارجي ألقى بثقله على نتائج برشلونة في
الليجا بالذات وهو تطور مستوى غريمه المدريدي الأزلي، فإنسجام لاعبي
الملكي والروح الكبيرة التي أضافها مورينهو إلى الفريق سمح للريال بإستغلال
تراجع البلوجرانا والانقضاض عليه محلياً، مما ساهم بوضع البرشا تحت ضغط
سلبي وفي وضعية المطارد للصدارة الذي لم يتعوَد عليه البلوجرانا مما أدى
بالتأكيد إلى بعض التراجع بمعنويات الفريق، لتأتي الضربة الكبرى بكلاسيكو
الكامب نو الأخير الذي أطاح بالبلوجرانا نهائياً من الليجا وأدت تداعياته
إلى خروج العملاق الكاتالوني من سباق دوري الأبطال أيضاً.
إذا
فلعب برشلونة في ظل إستبسال خصومه الشديد، تراجع مستوى بعض اللاعبين
والاصابات الحساسة بالاضافة إلى غياب الهذاف المساند كلها عوامل أدت إلى
تراجع نسبي في آداء برشلونة هذا الموسم، وهذا لا يعني أبداً أن برشلونة لم
يعد من الفضل إن لم يكن أفضا فريق يلعب كرة القدم بالعالم، لكن يعني
بالتأكيد أن الفوارق بين برشلونة والباقين لم تعد كما كانت، لا بل ربما بعض
فريق النخبة الأوروبية قد أصبحت بمستوى قريب جداً من بطل أوروبا السابق،
فهل لقراء جول اسباب أخرى تضيفها على هذه اللائحة وتراها أدت لموسم برشلونة
المخيًب؟